اختتمت، الأحد 8 اكتوبر2017 فعاليات الموسم الروحي والثقافي للولي الصالح أبي عبيد الله سيدي امحمد الشرقي بأبي الجعد، الذي نظم من طرف جماعة أبي الجعد، بشراكة مع الزاوية الشرقاوية وبتنسيق مع عمالة اقليم خريبكة والمجلس الاقليمي وجهة بني ملال خنيفرة، ما بين 4 و8 اكتوبر تحت شعار” موروث روحي ثقافي ودعامة للاقتصاد التضامني”.
ومما لاشك فيه أن الزائر لفعاليات الحفل الثقافي سيفاجأ بالتنظيم الحسن والإخراج الهندسي الأنيق لشكله وإحداثياته الجغرافية، والتنسيق الميداني اليقظ بين السلطات والمنتخبين والمصالح الخارجية والسلطات المحلية والأمن الوطني والوقاية المدنية والهلال الأحمر.
ولعل هذه الصورة التنظيمية الإيجابية على العموم وإن شابتها اختلالات هنا وهناك على مستوى مداخل المدينة ومخارجها، واختراق الزوار لبعض الممتلكات العمومية من الحدائق والأرصفة..
تجعل من فعاليات هذا الموسم الروحي والموعد الطقوسي لبعض عادات وأعراف القبيلة والمناطق المحيطة بالزاوية الشرقاوية وروافده ومريديها من مختلف مناطق المملكة المغربية موسما سياحيا وترويجيا للبعد التاريخي والعمق الحضاري للزاوية الشرقاوية والتعريف بالمعالم الأثرية والأنماط الثقافية والمعيشية لمدينة أبي الجعد.
وكعادتها شهدت هذه التظاهرة الثقافية خلال دورة 2017 التي تميزت بحضور ممثل الحجابة الملكية ووالي جهة بني ملال خنيفرة وعامل اقليم خريبكة ورئيسي كل من المجلس الجهوي والاقليمي، ورئيس مجلس جماعة أبي الجعد، حسب مصادر عليمة مشرفة على الجانب التنظيمي، مشاركة أكثر من 1700 فارس موزعين على المستوى القبلي والجغرافي بين أكثر من 130 سربة بين قبائل السماعلة وآخرون 70 وبني زمور 60.
أما على مستوى الخيام، فقد وصلت تمثيلية كل من دائرتي خريبكة ووادي زم 280 ودائرة أبي الجعد 96 خيمة منصوبة.
وكمثيلتها من الدورة السابقة، شهد محرك الفرسان وجحافل الخيالة الذي كان في أبهى حلله تنظيما مميزا وجمالية، حسب شهادات عينة عشوائية من الفرسان الخيالة، جعلتهم يصنفونه في المرتبة الأولى وطنيا، خاصة بعد تقريب الخدمات العمومية من المنصة الشرفية، ونصب مدرجات مجهزة على الجانبين الأيمن والايسر للمحرك الرئيس، التي اكتظت بالزوار والوافدين والمتفرجين من مختلف مناطق المغرب لمشاهدة امتع فنون وانشطة التبوريدة.
كما عرف هذا العرس الاحتفالي الثقافي والروحي إقبالا متزايد للزوار والوافدين بلغ وفق المصادر العليمة نفسها حوالي 40 ألف زائر خلال الأيام الاولى، وأكثر من 90 ألف متفرج وزائر يوم السبت أثثوا مداخل ومسالك وممرات المدينة وساحة سيدي عثمان خاصة، التي شهدت سهرات فنية متنوعة لمجموعات فنية شعبية وعصرية وشبابية محلية من خيرة الفنانين على المستوى الوطني، إضافة إلى فرق فلكلورية كالركادة واعبيدات الرما وفرق أمازيغية.
كما شهدت فعاليات الموسم نصب لوحات إشهارية كبرى على النقط الحساسة بالمدينة، تم تجميلها بملصقات جميلة تروج للموسم وترحب بالزوار الكرام وتستعرض لبرنامج الدورة، إضافة إلى نصب شاشة عملاقة وسط المدينة تعرض أهم أحداث الموسم وتروج لمآثر وثقافة أبي الجعد.
أما على المستوى الديني اتسم العرس الديني والروحي بندوات علمية وصوفية في تجديد الخطاب الديني من تنظيم المجلس العلمي لاقليم خريبكة، الذي شهد مداخلات قيمة لباحثين وعلماء أجلاء. كما تم تتويج الفائزين في حفظ وتجويد القرآن الكريم، بعد أن قدمت الحجابة الملكية هبة للزاوية الشرقاوية، في الوقت الذي تم فيه تقديم حوافز مادية للعائلات المعوزة والفئات الهشة وتوزيع مجموعة من المنافع الاجتماعية لحفظة القرآن الكريم والأطفال الأيتام ومساعدات مالية لفائدة مصابين بأمراض مزمنة، إضافة إلى تقديم كراسي متحركة لفائدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بأبي الجعد والدائرة.
ثقافيا وفنيا، نظمت أنشطة فنية وثقافية من خلال تنظيم المديرية الاقليمية للثقافة بتنسيق مع اتحاد كتاب المغرب وجمعية ثقافات البجعدية لورشات وتوقيعات وندوات، ومعارض للكتاب المفتوح الذي شارك فيه عدد من المبدعين المحليين والوافدين، إضافة إلى استفادة عدد من التلاميذ من ورشات تكوينية في الإلقاء والتشكيل.
كما تميز الموسم بمعارض للفنون التشكيلية الجميلة التي كانت من تنظيم ملتقى أحمد الشرقاوي للفنون التشكيلية، بحضور تشكيليين جملوا واجهة المدينة بشارع الحسن الثاني وأطروا ورشات للتلاميذ وعرضوا لوحات من مختلف المدارس التشكيلية.
رياضيا، تم تنظيم منافسات للشباب في العدو الريفي، ودوريين في كل من كرة السلة وكرة القدم المصغرة، توجت بتوزيع جوائز على الفائزين، ومباراة ودية بين قدماء اتحاد ابي الجعد وقدماء سريع واد زم بالملعب البلدي.
كما شهد هذا الحفل البهيج مسابقات في الرماية والقنص تحت إشراف الأميرة للا مليكة والتي عادت فيها الجائزة الكبرى، وهي بندقية رماية للرامي خليل حفاري للمرة الثالثة على التوالي.
أما محليا فقد عادت الجائزة الأولى للرامي عبد الله الشرقاوي.
اقتصاديا، نظم المجلس الجماعي بتنسيق مع جمعيات محلية أياما دراسية وبرامج تكوينية في دورة الاقتصاد التضامني وإنعاش الشغل، من خلال إطلاع الجمعيات على سيرورة عقد الشراكات وبناء المشاريع.
كما عبر عدد من التجار بالمدينة عن ارتياحهم بتحريك عجلة الدورة الاقتصادية والتجارية التي انتعشت نوعا ما على مستوى بعض الأنشطة الموسمية، والمحلات التجارية من البقالة والأفرشة والمرائب ومواد التغدية وسوق الدجاج واللحوم..
حرفيا وفلاحيا، تم استعراض منتوجات ومواد متنوعة ضمن معارض للصناعة التقليدية وأخرى للمنتوجات الفلاحية والنباتية، إذ تجاوز الرقم 80 عارضا في أروقة الصناعة التقليدية والفلاحة.
وفي اتصال مباشر مع رئيس جماعة أبي الجعد السيد خليفة مجيدي، أشاد بجودة الإجراءات التنظيمية ونجاعتها في تحقيق الأهداف المسطرة من لدن الجماعة، كما اعتبر أن إنجاح هذه الدورة جاء نتيجة تظافر جهود مختلف السلطات والمصالح الخارجية، خاصة عامل الإقليم، كما أشاد بالدور المحوري لكل من رجال الإنعاش والنظافة والوقاية المدنية والهلال الأحمر والمكتب الوطني للماء والكهرباء بقطاعيه، وأثنى بشدة على مجهودات السلطة المحلية على رأسهم السيد الباشا والأمن الوطني بقيادة السيد عميد مفوضية الشرطة بالمدينة التي ساهمت بشكل كبير في إخراج هذه النسخة الاحتفالية بهذه الطريقة الجميلة.
وأضاف الرئيس؛ “يحق لنا الآن أن نتباهى أمام مدن وجماعات كبرى معروفة بمواسمها، بموسمنا السنوي العريق والمتجدد… سننافس إن شاء الله لنكون مستقبلا في المراتب المتقدمة وطنيا، مثلما لن ندخر جهدا في تحقيق تنمية شاملة للمدينة بإذن الله.“
إعلاميا، تمت متابعة هذا العرس على مستوى أقطاب إعلامية وطنية معروفة كالقناة الأولى والقناة الثانية ووكالة المغرب العربي للأنباء التي نقلت عنها مجموعة من المواقع والجرائد الورقية. أما الإعلام الإلكتروني فكان ممثلا في مواقع الكترونية كثيرة، بالاضافة إلى شركة خاصة للوجيستيك والاعلام.
لقد راهن القائمون والمنظمون بجماعة أبي الجعد على هذه التظاهرة الاحتفالية الدينية والثقافية بقوة من أجل الترويج السياحي وترسيخ الإشعاع التاريخي الحضاري لمدينة أبي الجعد عامة، والزاوية الشرقاوية خاصة بين مختلف الزوار والوافدين قصد إخراج المدينة إلى دائرة الضوء والاهتمام على صعيد مستوياتها المميزة لها؛ إن على المستوى العلمي والديني، أوالتاريخي الحضاري والأثري، أوالحرفي والتقليدي التراثي، أو الاقتصادي والتضامني.
إجمالا، وإن عبر عدد كبير من السكان والزوار معا على إعجابهم الشديد بالتنظيم الجيد لنسخة هذه السنة الخاصة بموسم ابي عبيد الله امحمد الشرقي، والتطور الملموس لفعالياته وبرامجه والوضع الأمني المرافق له، فإنه في الوقت نفسه مازال للموسم ثقوب غائرة ينبغي تداركها أو التخفيف من وقعها المدمر على المدينة، خاصة الهجوم العشوائي للزوار على الحدائق العمومية بشكل مخيب، والبحث في إمكانية انشاء مداخل ومسالك وممرات إضافية للتخفيف من اكتظاظ الناقلات والشاحنات والعربات.. إلى جانب توفيرسقايات وحنفيات للمياه، والإكثار من المراحيض العمومية بمفاصل المدينة.
كما ننبه إلى ضرورة انفتاح المجلس الجماعي لأبي الجعد والسلطة المحلية على إشراك الجمعيات المدنية المهتمة، وإدراج ملاحظاتها في البرامج المعتمدة للموسم السنوي في إطار التأسيس والتفعيل للديمقراطية التشاركية التي تعتبر مدخلا مهما لتدبير الشان المحلي.